من حكمة الله عز وجل أنه سبحانه وتعالى يعطي الدجال آيات فيها فتن عظيمة فإنه يأتي إلى القوم يدعوهم فيتبعونه فيصبحون وقد نبتت أراضيهم، وشبعت مواشيهم فتعود إليهم أطول ما كانت ذراً وأسبغ ضروعاً، وأمد خواصر يعني أنهم يعيشون برغد لأنهم اتبعوه.
ويأتي القوم فيدعوهم فلا يتبعونه فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم، وهذه فتنة عظيمة لاسيما في الأعراب، ويمر بالخربة فيقول: (أخرجي كنوزك) فتخرج كنوزها تتبعه كيعاسيب النحل من ذهب وفضة وغيرها بدون آلات وبدون أي شيء، فتنة من الله عز وجل، فهذه حاله ومعاملته مع أهل الدنيا لمن يريد التمتع بالدنيا أو يبأس فيها.
ومن فتنته أن الله تعالى جعل معه جنة وناراً بحسب رؤيا العين لكن جنته نار، وناره جنة، فمن أطاعه أدخل هذه الجنة فيما يرى الناس ولكنها نار محرقة والعياذ بالله، ومن عصاه أدخله النار فيما يراه الناس ولكنها جنة وماء عذب طيب.
إذاً يحتاج الأمر إلى تثبيت من الله عز وجل، إن لم يثبت الله المرء هلك وضل، فيحتاج إلى أن يثبت الله المرء على دينه ثباتاً قوياً.
ومن فتنته أنه يخرج إليه رجل من الناس ممتلئ شباباً، فيقول له: أنت الدجال الذي ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيدعوه فيأبى أن يتبعه فيضربه ويشجه في المرة الأولى ثم يقتله ويقطعه قطعتين ويمشي بينهما تحقيقاً للمباينة بينهما، ثم يدعوه فيقوم يتهلل وجهه، ويقول: أنت الدجال الذي ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يأتي ليقتله فلا يسلط عليه يعجز عن قتله ولن يسلط على أحد بعده، فهذا من أعظم الناس شهادة عند الله لأنه في هذا المقام العظيم الرهيب الذي لا نتصوره نحن في هذا المكان لا يتصور رهبته إلا من باشره، ومع ذلك يصرح على الملأ إعذاراً وإنذاراً بأنك أنت الدجال الذي ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه حاله وما يدعو إليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ